فصل: 216- باب تأكيد وجوب الزكاة وبيان فضلها وَمَا يتعلق بِهَا:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تطريز رياض الصالحين



.216- باب تأكيد وجوب الزكاة وبيان فضلها وَمَا يتعلق بِهَا:

قَالَ الله تَعَالَى: {وَأقِيمُوا الصَّلاَةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: 43].
في هذه الآية: دليل على عظم شأن الزكاة لقرن إعطائها بإقامة الصلاة.
وقال تَعَالَى: {وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا الله مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاَةَ وَيُؤتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ القَيِّمَةِ} [البينة: 5].
قوله: {حُنَفَاء}، أي: مائلين عن كل دين باطل إلى دين الملَّة المستقيمة وهو الإسلام.
وقال تَعَالَى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} [التوبة: 103].
هذه الآية: نزلت في أبي لبابة وأناس من الصحابة تأخروا عن الجهاد كسلًا، وهي عامة في جميع المؤمنين.
وقوله: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ}، أي: ادع لهم، ولهذا يستحب للساعي أن يقول للمتصدق: آجرك الله فيما أعطيت، وبارك لك فيما أبقيت.
وعن عبد الله بن أبي أوفى قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أُتي بصدقة قوم صلَّى عليهم، فأتاه أبي بصدقته، فقال: «اللهُمَّ صلِّ على آل أبي أوفى». رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
1206- وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «بُنِيَ الإسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أنْ لا إلهَ إِلا اللهُ، وَأنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَإقَامِ الصَّلاَةِ، وَإيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَحَجِّ البَيْتِ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ». متفقٌ عَلَيْهِ.
هذا الحديث: أصل عظيم في معرفة الإِسلام، وقوله: «على خمس»، أي: دعائم، وفي رواية: «خمسة أركان».
والشهادتان خصلة واحدة، فمثَّل الإِسلام بالبنيان الذي لا يثبت إلا على خمس دائم، وبقية خصاله كتتمة البنيان.
قال عطاء الخرساني: الزكاة طهور من الذنوب، ولا يقبل الله الإِيمان ولا الصلاة إلا بالزكاة.
1207- وعن طَلْحَةَ بن عبيد الله رضي الله عنه قال: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ ثَائِرُ الرَّأسِ نَسْمَعُ دَوِيَّ صَوْتِهِ، وَلا نَفْقَهُ مَا يَقُولُ، حَتَّى دَنَا مِنْ رسول الله صلى الله عليه وسلم فَإذا هُوَ يَسألُ عَنِ الإسْلاَم، فَقَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خَمْسُ صَلَواتٍ في اليَوْمِ وَاللَّيْلَةِ» قَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهُنَّ؟ قَالَ: «لا، إِلا أنْ تَطَّوَّعَ» فَقَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «وَصِيامُ شَهْرِ رَمَضَانَ» قَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهُ؟ قَالَ: «لا، إِلا أنْ تَطَّوَّعَ» قَالَ: وَذَكَرَ لَهُ رسول الله صلى الله عليه وسلم الزَّكَاةَ، فَقَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قَالَ: «لا، إِلا أنْ تَطَّوَّعَ» فَأدْبَرَ الرَّجُلُ وَهُوَ يَقُولُ: وَاللهِ لا أُزِيدُ عَلَى هَذَا وَلا أنْقُصُ مِنْهُ، فَقَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أفْلَحَ إنْ صَدَقَ». متفقٌ عَلَيْهِ.
في رواية للبخاري قال: فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم بشرائع الإِسلام، فأدبر الرجل وهو يقول: والله لا أزيد ولا أنقص مما فرض الله عليَّ شيئًا.
قال النووي: أثبت له الفلاح لأنه أتى بما عليه، ومن أتى بما عليه كان مفلحًا.
1208- وعن ابن عباس رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم بعث مُعاذًا رضي الله عنه إِلَى اليَمَنِ، فَقَالَ: «ادْعُهُمْ إِلَى شَهَادَةِ أنْ لا إلهَ إِلا اللهُ وَأنِّي رسول اللهِ، فإنْ هُمْ أطَاعُوا لِذلِكَ، فَأعْلِمْهُمْ أن اللهَ تَعَالَى، افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَواتٍ في كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، فَإنْ هُمْ أطَاعُوا لِذلِكَ، فَأعْلِمْهُمْ أنَّ اللهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤخَذُ مِنْ أغْنِيَائِهِمْ، وتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ». متفقٌ عَلَيْهِ.
بدأ بالدعاء إلى الشهادتين لأنهما أساس الإِسلام.
وفيه: البداءة بالأهم فالأهم.
وفيه: جواز إخراج الزكاة في صنف واحد.
وفيه: أن المال إذا تلف قبل التمكن من الأداء سقطت الزكاة لإِضافة الصدقة إلى المال.
ولم يذكر الصوم والحج في هذا الحديث؛ لأن الكلام في الدعاء إلى الإِسلام، فاكتفىى بالأركان الثلاثة لأن كلمة الإِسلام هي الأصل، وهي شاقة على الكفار، والصلوات شاقة لتكررها، والزكاة شاقة لما في جبلة الإِنسان من حب المال، فإذا أذعن لهذه الثلاثة كان ما سواها أسهل بالنسبة إليها، والله أعلم.
1209- وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «أُمِرْتُ أنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أنْ لا إلهَ إِلا اللهُ، وَأنَّ مُحَمَّدًا رسول الله، وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ، وَيُؤتُوا الزَّكَاةَ، فَإذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِني دِمَاءهُمْ وَأمْوَالَهُمْ، إِلا بِحَقِّ الإسْلاَمِ، وَحِسَابُهُم عَلَى الله». متفقٌ عَلَيْهِ.
في هذا الحديث: أن تارك الصلاة ومانع الزكاة لا يمتنع قتالهما فيقتل بإخراج الصلاة عن وقت الضرورة إن لم يتب، ويقاتل الإِمام تاركي الزكاة إذا منعوا من أدائها.
وفيه: أن من أتى بالشهادتين والتزم أحكام الإِسلام جرت عليه أحكام المسلمين سواء كان في الباطن كذلك أم لا، لأن الشريعة إنما تجري على الظواهر، ولا تنفر عما في القلوب.
1210- وعن أَبي هريرة رضي الله عنه قال: لَمَّا تُوُفِّيَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم- وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه وَكَفَرَ مَنْ كَفَرَ مِنَ العَرَبِ، فَقال عُمَرُ رضي الله عنه: كَيْفَ تُقَاتِلُ النَّاسَ وَقَدْ قَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «أُمِرْتُ أنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولوُا لا إلهَ إِلا اللهُ، فَمَنْ قَالَهَا فَقَدْ عَصَمَ مِنِّي مَالَهُ وَنَفْسَهُ إِلا بِحَقِّهِ، وَحِسَابُهُ عَلَى الله» فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَاللهِ لأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بين الصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ، فَإنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ المَالِ. وَاللهِ لَوْ مَنَعُونِي عِقَالًا كَانُوا يُؤدُّونَهُ إِلَى رسول الله صلى الله عليه وسلم لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَى مَنْعِهِ. قَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: فَوَاللهِ مَا هُوَ إِلا أنْ رَأيْتُ اللهَ قَدْ شَرَحَ صَدْرَ أَبي بَكْرٍ لِلقِتَالِ، فَعَرَفْتُ أنَّهُ الحَقُّ. متفقٌ عَلَيْهِ.
قوله: «لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة»، أهل الردة صنفان: صنف رجعوا إلى عبادة الأوثان، وصنف منعوا الزكاة. وإنما أراد عمر الصنف الثاني.
قال الحافظ: والمراد بالفرق: من قرأ بالصلاة، وأنكر الزكاة جاحدًا أو مانعًا مع الاعتراف، وإنما قاتلهم الصِّدِّيق ولم يعذرهم بالجهل؛ لأنهم نصبوا القتال، فجهَّز إليهم من دعاهم إلى الرجوع، فلما أصروا قاتلهم.
قال المازري: ظاهر السياق أن عمر كان موافقًا على قتال من جحد الصلاة فألزمه الصديق بمثله في الزكاة لورودهما في الكتاب والسنَّة موردًا واحدًا.
قال الحافظ: فمن صلَّى عصم نفسه، ومن زكَّى عصم ماله، فإن لم يصل قوتل على ترك الصلاة، ومن لم يزك أخذت الزكاة من ماله قهرًا، وإن نصب الحرب لذلك قوتل.
قوله: (عقالًا)، وفي رواية: (عناقًا)، قال البخاري: وهي أصح.
قال عياض: واحتج بذلك من يجيز أخذ العناق في زكاة الغنم إذا كانت كلها سخالًا، وهو أحد الأقوال. وقيل: إنما ذكر العناق. مبالغة في التقليل. وقيل: العقال: يطلق على صدقة عام.
وعن ابن وهب: أنه الفريضة من الإِبل. وقيل: المراد بالعقال: الحبل الذي يُعقل به البعير، والمراد به المبالغة، والحاصل أنهم متى منعوا شيئًا كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو قل فقد منعوا شيئًا واجبًا، إذ لا فرق في منع الواجب وجحده بين القليل والكثير.
1211- وعن أَبي أيُّوب رضي الله عنه: أنّ رَجُلًا قَالَ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم: أخْبِرْنِي بعمل يُدْخِلُنِي الجَنَّة، قَالَ: «تَعْبُدُ اللهَ، لا تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَتُقِيمُ الصَّلاَةَ، وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ، وَتَصِلُ الرَّحِمَ». متفقٌ عَلَيْهِ.
فيه: أن من وحَّد الله، وقام بأركان الإِسلام، ووصل رحمه، دخل الجنة.
1212- وعن أَبي هريرة رضي الله عنه: أنَّ أعْرَابيًا أتَى النبي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رسولَ اللهِ، دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ إِذَا عَمِلْتُهُ، دَخَلْتُ الجَنَّةَ. قَالَ: «تَعْبُدُ اللهَ لا تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وتُقِيمُ الصَّلاَةَ، وتُؤتِي الزَّكَاةَ المَفْرُوضَةَ، وَتَصُومُ رَمَضَانَ» قَالَ: وَالذي نَفْسِي بِيَدِهِ، لا أزيدُ عَلَى هَذَا، فَلَمَّا وَلَّى قَالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ سَرَّهُ أنْ يَنْظُرَ إِلَى رَجُلٍ مِنْ أهْلِ الجَنَّةِ فَلْيَنْظُرْ إِلَى هَذَا». متفقٌ عَلَيْهِ.
فيه: أن من قام بالواجبات دخل الجنة، وإن لم يقم بالمندوبات.
1213- وعن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال: بايَعْتُ النبيَ صلى الله عليه وسلم عَلَى إقَامِ الصَّلاَةِ، وَإيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ. متفقٌ عَلَيْهِ.
في رواية: قال: (بايعت النبي صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة فلقنني: فيما استطعت، والنصح لكل مسلم).
قال القاضي عياض: اقتصر على الصلاة والزكاة لشهرتهما، ولم يذكر الصوم وغيره لدخول ذلك في السمع والطاعة.
قال القرطبي: كانت مبايعة النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه بحسب ما يحتاج إليه من تجديد عهد، أو توكيد أمر، فلذلك اختلفت ألفاظهم.
1214- وعن أَبي هريرة رضي الله عنه قال: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ صَاحِبِ ذَهَبٍ، وَلا فِضَّةٍ، لا يُؤَدِّي مِنْهَا حَقَّهَا إِلا إِذَا كَانَ يَومُ القِيَامَةِ صُفِّحَتْ لَهُ صَفَائِحُ مِنْ نَارٍ، فَأُحْمِيَ عَلَيْهَا في نَارِ جَهَنَّمَ، فَيُكْوَى بِهَا جَنْبُهُ، وَجَبِينُهُ، وَظَهْرُهُ، كُلَّمَا بَرَدَتْ أُعِيدَتْ لَهُ في يَومٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ ألْفَ سَنَةٍ، حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ العِبَادِ فَيَرَى سَبيلَهُ، إمَّا إِلَى الجَنَّةِ، وَإمَّا إِلَى النَّارِ» قيل: يَا رسولَ الله، فالإبلُ؟ قَالَ: «وَلا صَاحِبِ إبلٍ لا يُؤَدِّي مِنْهَا حَقَّهَا، وَمِنْ حَقِّهَا حَلْبُهَا يَومَ وِرْدِهَا، إِلا إِذَا كَانَ يَومُ القِيَامَةِ بُطِحَ لَهَا بِقَاعٍ قَرْقَرٍ أوْفَرَ مَا كَانَتْ، لا يَفْقِدُ مِنْهَا فَصيلًا وَاحِدًا، تَطَؤُهُ بِأخْفَافِهَا، وَتَعَضُّهُ بِأفْوَاهِهَا، كُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ أُولاَهَا، رُدَّ عَلَيْهِ أُخْرَاهَا، في يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ ألْفَ سَنَةٍ، حَتَّى يُقْضى بَيْنَ العِبَادِ، فَيَرَى سَبِيلَهُ، إمَّا إِلَى الجَنَّةِ، وَإمَّا إِلَى النَّارِ» قِيلَ: يَا رَسولَ اللهِ، فَالبَقَرُ وَالغَنَمُ؟ قَالَ: «وَلا صَاحِبِ بَقَرٍ وَلا غَنَمٍ لا يُؤَدِّي مِنْهَا حَقَّهَا، إِلا إِذَا كَانَ يَوْمُ القِيَامَةِ، بُطِحَ لَهَا بقَاعٍ قَرْقَرٍ، لا يَفْقِدُ مِنْهَا شَيْئًا، لَيْسَ فِيهَا عَقْصَاءُ، وَلا جَلْحَاءُ، وَلا عَضْبَاءُ، تَنْطَحُهُ بقُرُونها، وَتَطَؤُهُ بِأظْلاَفِهَا، كُلَّمَا مرَّ عَلَيْهِ أُولاَهَا، رُدَّ عَلَيْهِ أُخْرَاهَا، في يَومٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ ألْفَ سَنَة حَتَّى يُقْضى بَيْنَ العِبَادِ، فَيَرى سَبيِلَهُ، إمَّا إِلَى الجَنَّةِ، وَإمَّا إِلَى النَّارِ».
قيل: يَا رسول الله فالخَيْلُ؟ قَالَ: «الخَيلُ ثَلاَثَةٌ: هِيَ لِرَجُلٍ وِزْرٌ، وَهِيَ لِرَجُلٍ سِتْرٌ، وَهِيَ لِرَجُلٍ أجْرٌ. فَأمَّا الَّتي هي لَهُ وِزْرٌ فَرَجُلٌ ربطها رِيَاءً وَفَخْرًا وَنِوَاءً عَلَى أهْلِ الإسْلاَمِ، فَهِيَ لَهُ وِزْرٌ، وَأمَّا الَّتي هي لَهُ سِتْرٌ، فَرَجُلٌ رَبَطَهَا في سَبيلِ الله، ثُمَّ لَمْ يَنْسَ حَقَّ اللهِ في ظُهُورِهَا، وَلا رِقَابِهَا، فَهِيَ لَهُ سِتْرٌ، وَأمَّا الَّتي هي لَهُ أجْرٌ، فَرَجُلٌ رَبَطَهَا في سَبيلِ الله لأهْلِ الإسْلاَمِ في مَرْجٍ، أَوْ رَوْضَةٍ فَمَا أكَلَتْ مِنْ ذَلِكَ المَرْجِ أَوْ الرَّوْضَةِ مِنْ شَيْءٍ إِلا كُتِبَ لَهُ عَدَدَ مَا أَكَلَتْ حَسَنَات وكُتِبَ لَهُ عَدَدَ أرْوَاثِهَا وَأبْوَالِهَا حَسَنَات، وَلا تَقْطَعُ طِوَلَهَا فَاسْتَنَّتْ شَرَفًا أَوْ شَرَفَيْنِ إِلا كَتَبَ اللهُ لَهُ عَدَدَ آثَارِهَا، وَأرْوَاثِهَا حَسَنَاتٍ، وَلا مَرَّ بِهَا صَاحِبُهَا عَلَى نَهْرٍ، فَشَرِبَتْ مِنْهُ، وَلا يُرِيدُ أنْ يَسْقِيهَا إِلا كَتَبَ اللهُ لَهُ عَدَدَ مَا شَرِبَتْ حَسَنَاتٍ» قِيلَ: يَا رسولَ اللهِ فالحُمُرُ؟ قَالَ: «مَا أُنْزِلَ عَلَيَّ في الحُمُرِ شَيْءٌ إِلا هذِهِ الآية الفَاذَّةُ الجَامِعَةُ: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}». [الزلزلة: 7، 8] متفقٌ عَلَيْهِ، وهذا لفظ مسلم.
قوله: «حتى يرى سبيله إِما إِلى الجنة وإِما إِلى النار»، أي: يعذب بماله الذي منع زكاته خمسين ألف سنة، فإِن كان مسلمًا دخل الجنة بعد ذلك، وإن كان كافرًا خلد في النار مع أهلها.
قوله: «ومن حقها حلبها يوم وردها»، أي: ورودها الماء ليسقي من ألبانها للمارة والواردين. ومن ذلك الأمر بالصَّرَامِ نهارًا ليحضره المحتاج وكراهته ليلًا، وقد قال تعالى: {وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام: 141].
قال ابن عمر: كانوا يعطون شيئًا سوى الزكاة.
وقال مجاهد: إذا حضرك المساكين طرحت لهم منه.
قوله: «الخيل ثلاثة»، أي: لها أحكام ثلاثة فلا زكاة فيها ولا في الحمر إلا ما كان للتجارة، ففيه زكاة العروض.